Friday, October 2, 2009

العدمية و العبث في تغريدة البعجة


تغريدة البجعة للذين اختاروا الموت سريعا بأقل ما يمكن من مواجهات ، رواية مكاوي سعيد من وجهة نظري هي تجسيد لحالة العهدمية و الصراع الأيديلوجي الفكري الذي يعيش فيه المصريون منذ منتصف السبعينيات و حتى الآن فهم - و أستعير تعبير المفكر المصري أحمد كمال أبو المجد بين الخائفين على الدين و المتخوفين من التدين ..
هذا الصراع ساهم في خلق شخصية بطل الرواية و ملامحه من وجهة نظري هي كالآتي : تخلي الحكومة منذ أمد بعيد عن القيام بدورها في دمج منظومة القيم في العملية التنموية ، ضياع الهوية الحضارية و غيابها عن المشهد الثقافي المصري ، تدهور فكر التعددية و قبول الآخر الصعود الكبير للثقافة الدينية الرخيصة و إقبال البسطاء عليها و انتشار اعتقدات عن الدين لا تمت بصلة للدين هذا الخليط المأساوي شكل شخصية صاحب تغريدة البجعة .
منذ الصفحات الأولى يسيطر على القارىء مزاجية البطل التي تميل نحو العصبية الدائمة و الروح القلقة و السخط و الاشفاق على الذات ، تتوفر لدية النوايا الطبية لكنه تربى في مجتمع علمه الأنانية و العشوائية و البحث عن إرضاء الذات و الانغماس في الشهوانية و المحرمات ..كل ذلك جعله لعبة في يد فتاة أجنبية " أمريكية " تعرف عليها تدعمه ماديا بشكل غير مباشر من خلال علاقتها بأصدقاء أجانب يقوم هو بتعليمهم العربية ثم يتحول بعد ذلك الى جزء من خطة كبيرة و هو مشروع تحاول تلك الفتاة إنجازه و هو فيلم وثائقي عن أطفال الشوراع في مصر .
و بالفعل يوطد علافته بهم و يذهب لمعايشة أوضاعهم و العيش معهم و بالتدريج يشعر أنه ينجرف الى مأزق لا يريد أن يتورط فيه و لا أن يكون جزء من المشروع الأمريكي المزعوم ، توقظ في داخله المشاعر مجموعة من الحوادث مثل أحداث فلسطين و حريق بني سويف فينزل الى الشوراع و يشارك في المظاهرات و يقرر بينه وبين ذاته افساد مشروع صديقته الأمريكية .
من أهم نقاط تحول الأحداث على الاطلاق هي " هند " الفتاة التي أحبها في بداية حياته و لقيت مصرعها في المدرسة نتيجة مدنة قديمة القيت عليها أثناء لعبها مع أصدقائها .. كانت هند تمثل له الأمل في أن يصبح كائنا له قيمة و له مشروع .. و كانت تمثل العائلة المصرية البسيطة بلا تشجنات و لا احتقانات محافظة مبالغ فيها .. مصرع هند كان بداية لاستسلامات عديدة لحالة نفسية مضطربة و يأس جعلته في النهاية مسخا و ضحية في نفس الوقت لا الى هؤلاء و الى هؤلاء كما جعلته يدمن علاقات نسائية شاذة فيدخل هذه الدائرة و هو لا يزال يبحث عن هند .
إن رواية سعد مكاوي هي تمثيل لغياب ثقافة الاعتدال في حياتنا كمصريين هذا الغياب الذي يعزو الى اسباب سياسية أو اجتماعية و احتقانات عديدة في المشهد الديني المصري سببها الخلط الحادث بين ما هو ديني و ما هو ثقافي و تقليدي .
و من وجهة نظري هنا تطرح المشكلة ، غياب الحرية الفكرية و التسامح و التعددية و تورطنا في أفكار ثقافية جاهلية توضع في إطار ديني لتبريرها كذلك ساهم المشهد السياسي المصري في تعقيد الحياة الاجتماعية للمصريين و رفع درجة استنفارهم و شعورهم بالعدمية و الرغبة في الدخول مع الآخر في صراع صفري حتمي ينتهي في الغالب بخسارة فادحة للطرفين
تنتهي الرواية نهاية طبيعية على الرغم من كارثيتها الظاهرة و هي انتحار البطل بأدويته النفسية بعد ما وزع تركته و تأكد أن الحل هو الفناء موعا شهادة وفاته بيده انتقاما من العالم الذي لم يمنحه السلام من وجهة نظره .

6 comments:

شيماء زايد said...

كل عام وانتم بخير ... اضحي مبارك

هدية العيد علي المدونه برجاء استلامها :)

http://hmasat-elqlm.blogspot.com/

عروستى said...

مجهود رائع منك

Anonymous said...

ثقافة الهزيمة.. أسكندرية ليه؟

مصر تركز فى الدعاية و التسويق السياحى بالخارج على السياحة فى البحر الأحمر و سيناء و الرحلات النيلية من القاهرة لأسوان ، و هناك تصور خاطئ بأن الأسكندرية هى للسياحة الداخلية بالأضافة لبعض السياح العرب خاصة من ليبيا و هذا فقط فى شهور الصيف، و عندما شاهدت درجات الحرارة بمدينة الأسكندرية طوال العام فهى حتى فى شهور الشتاء تتراوح ما بين 8 و 18 درجة مئوية ، و هى تعتبر دافئة بالنسبة لسائح من أوروبا فينبغى عمل تخطيط لجذب ملايين من السياح الأجانب على مدار العام للأسكندرية، سيما أن هناك مواسم أجازات فى أوروبا و أمريكا فى الشتاء يستغلها الكثيرين للسفر و السياحة.

الأسكندرية مدينة تاريخية و لا تقل بأى حال عن مدن اليونان و إيطاليا و هى تستحق الزيارة، الأسكندرية فقط بمفردها و بما بها من أمكانيات سياحية تحتاج فقط إلى تحسين فى البنية التحتية و زيادة الطاقة الفندقية مع التسويق الجيد ليزورها 10- 15 مليون سائح سنويا مثل دبى و سنغافورة...

باقى المقال ضمن مقالات ثقافة الهزيمة بالرابط التالى www.ouregypt.us

مدونة اكسجين مصر said...

السلام عليكم ممكن ان توضع مدونتى عندك الرجاء الرد فى مدونتى مدونة اكسجين مصر

Anonymous said...

ثقافة الهزيمة .. أنها حقا عائلة محترمة‏

فى 6 فبراير 2011 نشرت شبكة الأخبار الأمريكية كشفت صحيفة الجارديان البريطانية نقلا عن محللين مختصين بشؤون الشرق الأوسط قولهم أن ثروة الرئيس المصري حسني مبارك بلغت نحو 70 مليار دولار، جزء كبير منها موجود في بنوك سويسرية وبريطانية، أو على شكل عقارات في لندن ونيويورك ولوس أنجلوس، أضافة إلى ممتلكات خاصة على طول شاطئ البحر الأحمر، وقال تقرير أن المصدر الرئيسي لهذه الثروة هو أطلاع الرئيس على صفقات أستثمارية حققت مئات الملايين من الدولارات لمصر، ولهذا تم نقلها إلى حسابات سرية في بنوك أجنبية، أو أستثمارها في البورصات العالمية والعقارات، وأكد التقرير أن علاء وجمال مبارك هم إيضا من أصحاب المليارات، ونقلت الصحيفة عن أماني جمال، أستاذة العلوم السياسية في جامعة برينستون، قولها أن ثروة العائلة تتراوح ما بين 40 و 70 مليار دولار، وهي أرقام تقارب ثروات بعض من زعماء دول الخليج، الغنية بالنفط...

باقى المقال ضمن مقالات ثقافة الهزيمة بالرابط التالى

www.ouregypt.us

للمرشحة انجى على لمجلس الشعب 2011 الدائرة الثالثة said...

انت انسان راقى شكرا للمقال الرائع