Wednesday, May 7, 2008

ما بين ٦ أبريل وماجدة عدلي

بقلم دكتورة شيرين أبو النجا

المصري اليوم

الأربعاء 07 مايو 2008اختزلت الأجهزة الأمنية إضراب ٦ أبريل في شخص إسراء عبد الفتاح لأسباب نعرفها جميعا، لكننا الحقيقة لم نعرف شيئا، فقد «قالوا» إنها المحرضة الأولي علي إضراب ٦ أبريل وأشياء من هذا القبيل، حتي كتب مجدي الجلاد مقالا في هذه الصحيفة قبل الإفراج عن إسراء بيومين يسخر فيه بمرارة من جميع التهم الموجهة لها. بقراءة الموقف ندرك أن الخطر الذي شكلته إسراء هو خطر «اللعب» علي الإنترنت، خطر امتلاك الفضاء الافتراضي المفتوح. لم تنج الصحف من نفس الإشكالية وقامت باختزال إضراب ٦ أبريل في إسراء! وهو ما دعا جميع الأقلام إلي الكتابة عنها وتم نسيان زميلتها التي كانت معها نادية مبروك، وهي ناشطة كانت متواجدة بفاعلية في جميع الأزمات ومنها أزمة نادي القضاة وتوابعها التي أدت إلي اعتقال الكثيرين. أدي النسيان الإعلامي لنادية إلي تشكيل نقطة ضعف ضدها، فعند إطلاق سراحها قال لها الضباط «إنت غير مهمة ولم يتحدث عنك أحد» كما ذكرت جريدة البديل. أضف لذلك النسيان الذي وقع لكل من اعتقلوا في ذاك اليوم. وقد حزنت كثيرا عند قراءتي هذا الخبر، لأن نادية ـ علي سبيل المثال ـ بالفعل شابة ناشطة، كل ما في الأمر أن الصحافة ترفع البعض وتسلط عليه الضوء وتنسي البعض الآخر، حتي يبدو الأمر في النهاية وكأن هناك دائما أفرادا هم الذين يحركون الأحداث وهو أبعد ما يكون عن الحقيقة. فالاحتجاجات بكل أشكالها (في الثلث الأول من أبريل فقط ١٤ تظاهرة و١٥ اعتصاماً و٦ إضرابات كما رصدها مركز آفاق اشتراكية) كانت جماعية بحتة معبرة عن ضغوط اقتصادية. إنترنتية. يؤدي التركيز علي أفراد بعينهم إلي نسيان آخرين مارسوا أدوارا مهمة: فقد اعتقل كريم البحيري صاحب مدونة عمال مصر وقد كان ينقل أخبار عمال المحلة بدقة، وممدوح منيري الذي كان يقوم بنفس المهمة علي مدونته التي تحمل اسمه، والاثنان من المحلة. قام الاثنان بنقل أخبار الفضاء الواقعي إلي الفضاء الافتراضي. لم تتعاطف الصحافة كثيرا مع شهداء المحلة كما كان متوقعا، حتي أنني تذكرت طلاب الإسكندرية الأربعة الذين أصيبوا بالرصاص المطاطي في أعينهم في ٢٠٠٣ أو ٢٠٠٤ ورفضت إنجلترا استقبالهم للعلاج وحصلوا علي تغطية إعلامية أكثر من شهداء المحلة بكثير. (ربما كانت الصحف أقل أو الدنيا أقل، بالتأكيد كان هناك شيء أقل). ما بين الاختزال الفردي ليوم ٦ أبريل وما بين اقتراب ٤ مايو وقع ما وقع للدكتورة ماجدة عدلي مديرة مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب. فقد توجهت ماجدة عدلي يوم ٢٩ أبريل إلي كفر الدوار لمتابعة ضحايا تعذيب كانت جلستهم في المحكمة مقررة يوم ٣٠ أبريل. قامت الدكتورة ماجدة بعملها فيما يخص علاج التعذيب (وهو من أكثر الأعمال مشقة علي النفس البشرية)، وحضرت جلسة المحكمة- لأن المركز يقدم دعما قانونيا أيضا ـ ومعها زميلتها بالمركز الطبيبة النفسية مني حامد، وبعد انتهاء الجلسة وأثناء خروجهما من المحكمة مارست الأجهزة الأمنية التقنية المعروفة (التي توقفت منذ عامين وعادت للظهور الآن) من خطف حقيبة د. ماجدة وتم دفعها أرضا والنتيجة كسران بالكتف وقطع أعلي الحاجب وتهتك بالحوض وشرخ صغير بالجمجمة! أما مني حامد فقد وجدت إطارات سيارتها وقد قطعت وتم إتلاف المرايات الجانبية! ما حدث لماجدة عدلي يسمي «بلطجة»، خاصة أن عسكري الشرطة اعترف أنه فعل ذلك بأوامر من ضابط المباحث، إلا أنه عاد وأنكر ذلك في النيابة، لكن أيضا ما حدث لماجدة عدلي يدخل في المسلسل المستمر لمحاولة تخويف كل المدافعين عن انتهاك حقوق الإنسان، وردع المواطنين عن فضح مثل هذه القضايا وأيضا ردع كل جهة تقدم دعما قانونيا ونفسيا (بلغتنا الدارجة نسميها درساً وعبرة). هناك إذن جانبان لما وقع بكفر الدوار. الجانب الأول هو انتهاك جسد الدكتورة ماجدة بهذا الشكل الوحشي وهو ما يجب أن يكون له عواقب قانونية صارمة (بما أن الحكومة تبتدع كل يوم قانونا جديدا فعليها أن تفعل القديم!) لا فائدة من قيام العسكري بالإنكار، لأن الأشباح لم تفعل ذلك بالدكتورة ماجدة وهناك شهود كثر علي الواقعة، والجانب الثاني هو ضرورة وضع هذه الواقعة في سياق تكميم الأفواه عند الحديث في قضايا التعذيب والفساد وفي سياق انتهاك ناشطين حقوق الإنسان (التي توصف أحيانا بالبضاعة الغربية المستوردة). أتمني ألا أجد ما حدث للدكتورة ماجدة في صفحة الحوادث، فما حدث لها يمكن أن يحدث لأي شخص وقد نتحول جميعا إلي أرباب صفحة الحوادث في الصحف.