Friday, November 30, 2007

إنهم يغيظون المواطن المصري ॥ بقلم الأستاذ فهمى هويدى


دون أن تدرى أو تقصد ، تسببت مكتبة الإسكندرية فى إحراج بعضنا وإغاظة أغلبنا .. ورغم أننى واثق من حسن نية القائمين على المكتبة حين قبلوا استضافة الاحتفال بتسليم جائزة الحكم الرشيد " ، إلا أن رسالة الاحتفال أثارت خواطر وكوامن ، أظن أنهم حريصون على الابتعاد عنها ... فحين تكون فحوى الرسالة أن الحاكم الرشيد هو من يترك موقعه طواعية ، بعد أن يؤدى رسالته فى إشاعة الديمقراطية والشفافية واحترام حقوق الإنسان بما يحقق الاستقرار والنمو لبلاده ، فإن الترويج لهذا المضمون قد يحمله بعض الخبثاء على أنه غمز فى الأوضاع التى نعرفها ، وكشف لأمور مسكوت عليها ، وذلك سبب كاف للحرج ، وفى الوقت ذاته فحين تقول الرسالة المذكورة إن ذلك الحدث وقع فى بلد ساقط من الذاكرة اسمه موزمبيق .. يتمدد على الشاطئ الأفريقى فى أقصى جنوب القارة ، فإن ذلك كفيل بإغاظة المواطن المصرى الذى ظل يختال طويلاً وهو يبتاهى بأوسمة الريادة التى علقوها على صدره ، باعتباره ابن حضارة سبعة آلاف سنة .. الذى يرفل فى حلل أم النيا ويعيش فى ظلال ازهى العصور ، وهومن تصور أنه حين ترصد جائزة الحكم الرشيد ، خصوصاً فى أفريقيا ، فإنها ستسعى مهرولة إلى بلاده بعد أن تفوز بها بالتزكية ..أما أن تدير الجائزة ظهرها لمصر ، وتذهب إلى ذلك البلد الصغير ، فمن شأن ذلك أن يصيب أغلب المصريين بالغيظ وخيبة الأمل . أصل الحكاية أن رجل أعمال سودانياً ناجحاً اسمه " محمد فتحى إبراهيم " كان قد تخرج فى جامعة الإسكندرية ، ظل يلح عليه حلم العثور على حاكم صالح فى أفريقيا ، ولاحقه الحلم لسنوات عديدة ، ولم ينسه حتى بعدما أصبح من كبار رجال الأعمال ، واستقر به المقام فى لندن بعد أن حصل على الدكتوراة هناك .. وحتى يحقق حلمه فإنه خصص جائزة قيمتها خمسة ملايين دولار لذلك الحاكم الأفريقى المعجزة تدفع على عشر سنوات ، مع راتب سنوى قيمته 200 ألف دولار يتقاضاه مدى الحياة ..لعلمك فإن هذه القيمة تتجاوز جائزة نوبل ن التى تبلغ قيمتها 1.2 مليون دولار ...وإذ أسس جمعية خيرية باسمه " مو إبراهيم " ، فإنه عقد مؤتمراً صحفياً فى شهر أكتوبر من العام الماضى اعلن فيه عن جائزته ، وقال إن جامعة هارفارد ستتولى الإشراف على المعايير المتبعة لتحديد الرئيس الذى خدم بلاده على النحو المنشود ، وتشكلت لجنة التحكيم برئاسة كوفى انان السكرتير العام السابق للأمم المتحدة. فى الإعلان ذكر " مو إبراهيم " أنها ستمنح للرؤساء والحكام المنتخبين ديمقراطياً ، ولا مكان فيها للذين يصلون إلى الحكم بطرق أخرى ..واشترط فى أولئك الرؤساء أن يكملوا مدة حكمهم ، ثم يتقاعدوا طائعين ، ويساعدوا على نقل الحكم إلى من يخلفهم بطريقة سلمية وديمقراطية ، وفى سنوات حكمهم ينبغى أن تتوافر فيهم الشروط التى سبقت الإشارة إليها .بعد بحث مضن استمر أكثر من سنة وجدت لجنة التحكيم ضالتها فى رئيس موزمبيق السابق " يواكيم شيتسانو 68 عاماً " زز الذى يكفى أنه انتخب مرتين ثم رفض أن يترشح لولاية ثالثة ، رغم أن دستور البلاد يجيز له ذلك ، وبعد أن ترك الحكم أعطى وقته لإشاعة السلام فى الدول الأفريقية المجاورة .. وخلال سنوات حكمه ، الذى أنهكته الحروب الأهلية ، فضلاً عن أنه حقق نجاحات أخرى فى مختلف مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية ، الأمر الذى أدى إلى تراجع معدلات الفقر والحد من انتشار مرض الإيدز ..وحين قرر مغادرة منصبه ، فإن خلفه أخذ مكانه فى ظل انتخابات نزيهة ، شهدت المنظمات الدولية بشفافيتها ونظافتها .حين زهد فى السلطة رئيس المجلس العسكرى الحاكم فى موريتانيا .. واشرف على إجراء انتخابات نزيهة اسفرت عن فوز الرئيس الحالى " سيدى محمد ولد الشيخ عبد الله " .. حسدناهم وكظمنا الغيظ .. ثم نسينا الموضوع ، لأن الحدث تم بعيداً عنا .. ولكن أن يعلن عن فوز رئيس أفريقى بجائزة الحكم الرشيد لأنه بدوره زهد فى الحكم وتركه لغيره طائعاً مختاراً ، ثم تمنح الجائزة للرجل تحت أعيننا وفى عقر دارنا ، فإن ذلك يذكرنا بما نحاول أن ننساه ..ويضاعف من شعورنا بالغيظ فضلاً عن الحسد ، وكان حرياً بمكتبة الإسكندرية أن تراعى شعورنا .. فتعتذر عن عدم إقامة الحفل متعللة بأى عذر ..لأن الحرج الذى قد تستشعره فى هذه الحالة ، لا يقارن بكم المواجع التى قلبتها علينا جراء ما أقدمت عليه .

4 comments:

مجلة سيكولوجية مصرية said...

دائما مايتحفنا ا.هويدى
بمقالاته الجامدة وافكاره العميقة البسيطة


سعدت جدا باكتشاف مدونتك
وارجو ان نتواصل

أحمد مصطفى

مجلة سيكولوجية مصرية said...

شكرا على دعواتك

لكن للاسف لم ارها الا متاخر

تحياتى

أحمد مصطفى

السـيد شبـل said...

المرة الاولى للزيارة ولن تكون الاخيرة...

مدونة رائعه وتستحق الوقوف والتأمل

سعيد ان فيه بنات بتهتم بالسياسه..سعيد جدا
اشاركك فى رايك عن جوليا بطرس.."احبائى"كانت اكثر من رائعه ..
وشعر البرغوثى عنوان للمقاومة .. واتمنى ان لانقف عند العنوان ونستكمل الموضوع ونبدا حقا ف المقاومة

خالص خالص تحياتى على العمل والمجهود الرائع

Maha Omar said...

صدقوني أنتم أجمل ما في المدونة